إنّ مصطلح “المقاصد” جمع “مقصد” يشير كما هو واضح إلى الهدف والغرض والمطلوب والغاية، يشير إلى “الإند” باصطلاح اللغة الإنجليزية، أو “التيلوس” باللغة اليونانيّة، أو “الفيناليتيه” في الفرنسيّة، أو “زْفيك” بالألمانيّة. أما في الشّريعة الإسلاميّة فالمقاصد هي الهدف، أو الأغراض، أو المطلوب أو الغاية من الأحكام الإسلاميّة.
يعتبر بعض الفقهاء أنّ المقاصد تكافئ في معناها “المصالح”. فعبد الملك الجوينيّ (توفي عام 478 هـ/ 1185 م)، وهو من أوّائل العلماء المساهمين في نظريّة المقاصد وتطويرها إلى ما هي عليه اليوم (وهو ما سنشرحه بعد قليل)، استخدم مصطلح “المقاصد” و”المصالح العامّة” على أنّهما مترادفان. ثمّ جاء أبو حامد الغزاليّ (توفّي عام 505هـ/ 1111م) فبنى على عمل الجوينيّ بتصنيف المقاصد، فجعلها تحت ما يسمّى المصالح المرسلة. وجاء بعده فخر الدّين الرّازي (توفّي عام 606هـ/ 1209م) والآمدي (توفّي عام 631 هـ/ 1234 م) فاتّبعا الغزاليّ في مصطلحاته. ثمّ عرّف نجم الدّين الطّوفي (توفّي عام 716هـ/ 1316م) المصلحة على أنّها “السبب المؤدي إلى مقصود الشارع (أي الله ورسوله)”. وأمّا القرافيّ (توفّي عام 1285 هـ/ 1868 م) فقد وضع قاعدة فقال: “قاعدة: لا يعتَبِرُ الشرعُ من المقاصد إلا ما تعلق به غرضٌ صحيح، محصلٌ لمصلحة، أو دارئٌ لمفسدة”. يعني هذا أنّ أيّ مقصد من المقاصد، وهي كما قلنا بمعنى المطلوب أو الغرض أو الغاية أو الهدف، قد وجد في الشريعة الإسلاميّة من أجل “مصلحة البشر”، وهذا يعطيك الأصل العقليّ المنطقي لنظريّة المقاصد.
===
من كتاب “مقاصد الشريعة.. دليل للمبتدئين” للدكتور جاسر عودة – ٢٠٠٨.